اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


نقيب المحامين السابق في بيروت

تمر في تاريخ الشعوب، شخصيات تعمل وتنجز بفعالية وبصمت، بعيداً عن الضوضاء والقرقعة والشعبوية الفارغة. وتظهر نتائج أعمالهم مع مرور الايام بحيث ينصفهم التاريخ، وإن لم ينصفهم الحاضر.

وبالفعل كم تعرض الرئيسان كميل شمعون وفؤاد شهاب للانتقادات بأقسى العبارات. في حين انهما وضعا اسس الدولة في الإدارات، وفي بناء الجيش اللبناني. وتوفيا وهما لا يملكان العقارات والاموال النقدية. والجميع يعرف قصة زوجة الرئيس شهاب وحالة الفقر التي كانت تعيشها. وكذلك الامر مع الرئيس الآدمي الياس سركيس الذي يعود له الفضل في شراء الذهب في مصرف لبنان، والذي يشكل الضمانة الحقيقية لدعم الليرة اللبنانية.

كل ذلك دون ان ننسى غبطة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، الذي كان عنوان الثبات في المواقف، والذي كان يناقض نظرية فيلمون وهبي عندما قال: "نحن مع المبدأ. كيف ما بيبرم منبرم معو". إذ كانت مواقفه ثابتة لا تتزحزح وكان مستمعاً اكثر منه متكلماً.

منذ حوالى الخمس عشرة سنة، سألني استاذي المرحوم اوغست باخوس اذا كنت اود مرافقته الى بكركي لزيارة غبطة البطريرك صفير، وهو يعرف انني احبه كثيراً واحترمه. فوافقت فوراً وخصوصاً انني كنت منزعجاً من امر يحصل معي يومياً. وقبل المغادرة، قلت لغبطته: سيدنا. كل يوم اثناء مروري في منطقة جسر الكرنتينا، ارى صورة للسيد المسيح على مدخل المرفأ، كتب تحتها:"زوروني أرجوكم فأنا موجود في الكنيسة الى الابد". فهل السيد المسيح يرجو الآخرين لزيارته؟ وسلمته الصورة التي كنت قد وضعتها في مغلف ابيض. فنظر اليها غبطته واعادها الى المغلف. ولم يقل لي اي كلمة. وفي طريق العودة، حزنت كثيراً وقلت للاستاذ باخوس: "معقولة ما حكي ولا كلمة كأن الامر لا يعنيه؟".

وفي اليوم التالي، واثناء مروري كالعادة في المنطقة، لم اجد الصورة الضخمة للسيد المسيح، والمكتوب عليها العبارة التي لم احبذها.

العبرة من هذا الكلام، اننا نتمنى على مسؤولينا التخفيف من الكلام، والخطابات الرنانة الفارغة، والعمل بفعالية وصمت للنهوض بلبنان الذي كثرت عذاباته. 

الأكثر قراءة

كيف منعت إيران الحرب ضدّ لبنان؟