اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أقامت اللجنة الثقافية - الفنية في احتفالية "طرابلس عاصمة الثقافة العربية 2024" معرضاً فنياً بعنوان "الفن الجريح من بيروت إلى طرابلس"، وذلك في صالات قصر رشيد كرامي الثقافي - البلدي (قصر نوفل)، بمشاركة عشرات الفنانين واللوحات، تركّزت غالبيتها على موضوع الفن الجريح.

رئيسة اللجنة المنظمة للمعرض هند الصوفي، أوضحت ما تقوم به اللجنة من معارض ضمن فعاليات الاحتفالية، وقالت لـــ "الميادين الثقافية" أن: "الجهد يتركز على إقامة معرض شهري ضمن الفعالية، وهو بطابع محليّ حتى الآن، لكن نسعى لأن يكون عربياً ودولياً في المرّات القادمة، لأننا نعمل على تأسيس "بينال" كبير في طرابلس".

لم يُقَمْ حفل افتتاح للمعرض، بحسب الصوفي، لأن "جزءاً كبيراً من لبنان يعاني من الاعتداءات اليومية على أرضه، لذلك، ومن وحي المناسبة، فكّرنا بالفن الجريح كموضوع للمعرض".

وتناولت الصوفي موضوع الفن الجريح، وما يصبو إليه، فهو، بنظرها، "فن ينزف بشكل ما، وعندما نقول فنّاً جريحاً، قد يكون له معنيان عند الفنانين، الأول، إشارة إلى اللوحة المصابة، والثاني، قد يكون أي جرح يصاب به الانسان، والجرح ليس بالضرورة خدش سطحي، إنّما هو ما يترك أثراً، فيتحوّل إلى لمعة مع الأيام، ويتفوّق الانسان خلال ذلك على حالته، ويخرج منها أقوى مما كان، وتعطيه اللمعة بصيص نور، هو أمل من جهة، وصمود من جهة ثانية، ومن وحي المناسبة والظروف التي نعيش، من ناحية أخرى".

وأوضحت أن "أصحاب اللوحات قرروا أن يتركوها على ما هي عليه من دون ترميم، والبعض من اللوحات لم تُصَبْ، لكن صاحبها قد يكون هو المجروح، فاستطاع وضع أعمال حوّل فيها جرحه إلى عمل فنيّ، فيدخل بذلك ضمن فكرة الفن الجريح".

ولخّصت الصوفي موقفها إزاء المعرض بالقول: "إننا أمام أعمال بنوعين من المعاني، أعمال مصابة مباشرة، وأعمال تحمل معنى الجروح بطريقة مجازية، وهي فكرة الفنان، وتحويل جراحه لشكل ولون ومضمون".

وتغطي اللوحات المعروضة مروحة واسعة من الأعمال الفنية، والتي يرجّح أن تكون ضمن مجموعات خاصّة، فالعديد منها يعود لفنانين راحلين، وأخرى لفنانين مجهولين، جمعت بينها فكرة "الجرح"، إن في شكل اللوحة المباشر، أم في مضمونها، وسبب الجروح معاناة، غالباً بسبب الحروب المتواصلة التي مرّ لبنان بها ولا يزال.

وتشير العديد من لوحات المعرض إلى تواريخ غابرة، يطعن بعض منها في القرن الثامن عشر، مثل لوحات تصوير، أو رسم فني، لمشاهد من طرابلس منذ زمن بعيد، ولوحة لأحد مؤسسي المدرسة الانطباعية اللبنانية حبيب سرور تعود للعام 1901، إضافة إلى أعمال عليها ندوب وتمزقات في الكانفا، ومن الأعمال بعض تقنيات النحت والتجهيز.

تفيد الصوفي أن "المعرض عابر للعصور، تشارك فيها أعمال تعود للقرون الثامن عشر والتاسع عشر، وقد تكون اللوحة فُقِدَت بفعل الزمن، لكن هناك الكثير من اللوحات فيها تمزّق ناجم عن انفجارات، وما كان أكثرها في لبنان! خصوصاً منها اللوحات التي أصيبت في انفجار مرفأ بيروت، وهي تراث يجب أن نحافظ عليه".

ومن الفنانين المشاركين محمد سعيد بعلبكي وجميل ملاعب وتوم يونغ ومها الجمّاس وغيرهم.

وكذلك الصوفي التي شاركت بتجهيز من أعمالها، جمعت فيها بين الدمار الذي ألحقته الحداثة، والتطورات التكنولوجية في حياة الانسان، فتسمّرت على أخشابها لوحات الكترونية لراديوهات أو حواسيب تالفة، أرادت الصوفي منها القول أن التكنولوجيا سيطرت على عقولنا، وأن الإعلام تسخّر، عن قصد أو غير قصد، لتغطية ذلك الدمار.

من جهته، رعى وزير الثقافة اللبناني محمد وسام المرتضى افتتاح المعرض، وتحدّث فيه عن "التحدي الحضاري الأكبر الكامن في قدرة الإنسان على أن يحول الألم إلى شفاء والجرح إلى فرح، أي في قدرته على مقاومة المآسي ورفض الاستسلام".

وقال إن: "الفن الجريح بوابة دخول إلى رحاب ثقافة البطولة، فإذا أردنا تنزيل مفاهيمه على واقعنا الوطني، تبين لنا أن لبنان بذاته من شماله إلى جنوبه فشرقه وغربه، ليس سوى أيقونة جرح لا يكف عن نزيف، ولا يتعب من صمود، ولا يسعى إلا إلى انتصار".

الأكثر قراءة

كيف منعت إيران الحرب ضدّ لبنان؟