اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تثير أصداء الحرب على قطاع غزة التي دخلت شهرها السابع، علماً أننا لا نعرف بعد ما ستسفر عنه من متغيرات في المدى المقصود، الممتد من سواحل المتوسط قبالة قطاع غزة وصولاً الى سواحل الخليج الفارسي وإيران، تثير أفكاراً سلبية حيال عبثية الأوضاع المفروضة على سكان الهلال الخصيب، "الهلال الشيعي"، وهو المصطلح الذي أوكل لملك الأردن في سنة 2004 في اغلب الظن، أمر إطلاقه من واشنطن بعد الحرب الأميركية الدموية ـ التدميرية على العراق.

أيا كان موقفنا من الحرب الدائرة اليوم، قلقين من تمدد نارها في هشيم بلدان الهلال الخصيب أو مطمئنين لعواقبها، لا مفر من التسليم بأن ايران تضطلع بدور بارز في توفير وسائل المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، (انتفاضة حركة التحرير الوطني في قطاع غزة، نموذجا)، وضد تمدد النفوذ "الإسرائيلي" في لبنان، الذى ظهرت ملامحه بشكل فاضح في سياق الحرب الأهلية، وصولاً إلى معاهدة السلام في 17 أيار 1983 المجهضة، وإلى تحرير جنوب البلاد من الاحتلال، بالإضافة إلى انخراطها دفاعاً عن سورية في الحرب التي تتعرض لها بمشاركة دول خليجية (بحسب شهادة رئيس الوزراء القطري الأسبق)، ودول حلف الأطلسي و "إسرائيل".

هذه جردة حساب مختصرة عن الدور الإيراني في "الهلال الشيعي"، قبل وقوع الرد الإيراني فعلياً على الاعتداء "الإسرائيلي" على القنصلية الإيرانية في دمشق، الذي تبارى بشأنه المحللون على مدى الأيام الماضية، قياساً على الانقسامات المقيتة، الطائفية والعشائرية المعروفة، التي لا تهدف غالباً الى الإعلام والشرح، وإنما غايتها الرئيسية هي التحريض على الخصوم والشماتة بهم. لا يغير الله ما بقوم!

ما يهمنا هنا هو الإشارة إلى أن قادة أميركيين انضموا إلى القادة "الإسرائيليين" في تنظيم الدفاع الجوي ضد الصواريخ والمسيرات الإيرانية، من مواقع في "إسرائيل" ومن قواعد لهم في الدول العربية، ومن بوارجهم في المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب. وبهذا الصدد تناهى إلى العلم أن "إسرائيل" أعربت عن شكرها للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا لتصديها إلى جانبها للهجمات الإيرانية، وأن مصر وضعت وسائل دفاعها الجوي في حالة تأهب، وأن سلاح الجو الأردني انطلق "لمراقبة الأجواء الأردنية" أثناء العمليات العسكرية. هنا يتبادر إلى الذهن سؤال عما كان يمكن أن تتسبب به الضربة الإيرانية لولا الدعم الذي اضطلعت به دول الأطلسي، من قواعدها في الخليج والعراق وسورية والأردن وشبه الدول العربية التابعة لها؟ ويمكن للمرء أن يتساءل في المقابل عما كان يمكن أن تكون عليه حال العرب عموماً، وفي سورية ولبنان وفلسطين واليمن على وجه الخصوص، لولا نصح ودعم الدولة الإيرانية لهم.

خلاصة القول في الختام، أن هناك سؤالًا ثالثاً يخالجنا أمام جرائم الإبادة التي تقترف في قطاع غزة والدمار الشامل، يتعلق بطبيعة الاستعمار الغربي الأوروبي ـ الأميركي، باسم "الحضارة اليهودية ـ المسيحية" كما يزعم هذا الاستعمار نفسه، المسؤول الأول عن "القضية الفلسطينية"، بما هي لغم متفجر في منطقة الهلال الخصيب، يتجسد بتجميع سبعة ملايين فلسطيني من سكان البلاد الأصليين يعتريهم الخوف، مع سبعة ملايين يهودي مسؤولين عن طرد نصف الفلسطينيين عن بلادهم في سنة 1948. علماً أن نصف هؤلاء اليهود جيء بهم خداعاً وإكراهاً، من البلدان العربية، دون أن يكون بينهم وبين دخول فلسطين والاستقرار فيها، قبل الانتداب البريطاني مانع. لذا هم خائفون من السكان العرب، والنصف الآخر من اليهود أتوا إلى فلسطين من أوروبا، خوفاً من الأوروبيين في أوروبا، فأعطاهم البريطانيون الأمان في فلسطين مقابل انخراطهم في المشروع البريطاني ـ الغربي من أجل السيطرة على الهلال الخصيب.

الأكثر قراءة

اكثر من حجمه