اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
لا احد حتى الان يريد ان ينعى احتمال التوصل الى هدنة في غزة تنسحب بمفاعيلها على الجبهة اللبنانية على الرغم من تقلص فرص النجاح في الوقت الفاصل قبل بدء شهر رمضان يوم الاثنين المقبل. لكن الفشل لا يعني حتمية الحرب الشاملة، والتسريبات الاعلامية الاسرائيلية بحرب برية تبدو حربا نفسية، في ظل ضعف واضح في المنظومة العسكرية الاسرائيلية. الا ان الاحتمالات كافة تبقى قائمة ولا يمكن استبعادها، في ظل «الكباش» القائم بين الولايات المتحدة ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو الذي يحاول فك الطوق الديبلوماسي من حوله باطلاق المزيد من التهديدات «الفارغة ازاء الجبهة اللبنانية باعلانه امس ان «اسرائيل» ستعمل بحزم على كافة الجبهات، بما فيها الجبهة الشمالية مع لبنان في ضوء تجديد موقفه الحاسم من خوض معركة في رفح وملاحقة حركة حماس في كل مكان! تصريحات نتانياهو التصعيدية، قابلها كلام مغاير للسفير الأميركي لدى كيان الاحتلال، جاك ليو، الذي اعلن أن «الخلافات تضيق» في المحادثات حول وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدا أنه من الخطأ افتراض أن المحادثات قد فشلت، مقرا انه مع كل يوم تزداد صعوبة التفاؤل، لكن يجب ممارسة الكثير من الضغوط على جميع الأطراف في المفاوضات، للبقاء فيها!

اسرائيل «والعمى» الاستراتيجي

هذا التباين بين الموقفين الاميركي والاسرائيلي، يعكس رغبة واشنطن في حماية «اسرائيل» من نفسها في ظل «العمى» الاستراتيجي الذي يصيب القيادة السياسية التي تتولى السلطة وتعمل على حماية نفسها وليس اي شيء آخر. وبحسب اوساط دبلوماسية غربية تحدثت امام زوارها في بيروت، فان الاصرار الاميركي على ابقاء الخطوط مفتوحة بين كافة الاطراف عبر المبعوث الرئاسي عاموس هوكشتاين، يهدف الى منع حكومة الحرب او بعض اعضائها من ارتكاب «خطيئة» الحرب الشاملة مع لبنان في ظل معرفة اميركية دقيقة بمواطن الضعف لدى الجيش الاسرائيلي «المنهك» بعد خمسة اشهر من حرب متعددة الجبهات، اضافة الى وجود ثغرة مخيفة في منظومة السلاح المضاد للصواريخ لجهة الفشل في اعتراض مسيرات حزب الله، والنقص الحاد في الصواريخ التي لن تكون كافية ابدا لحماية الجبهة الداخلية التي ستكون مكشوفة بمعظمها بعد اسبوعين على ابعد تقدير من حرب مفتوحة في الشمال.

هذه المعطيات التي يعرفها حزب الله جيدا، وعمل خلال الاشهر الاخيرة على اختبارها واكتشاف ثُغرها ميدانيا، تجعله في موقف اقوى على الجبهة وكذلك دبلوماسيا، وهو ما لمسه هوكشتاين في جولاته المكوكية الثلاث، وعبر عنه صراحة عضو المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق بالامس عندما قال ان «اسرائيل» تستجدي «الوساطات». وفي انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من تطورات سياسية وعسكرية مع توقعات بتصعيد مرتقب تزامنا مع عملية التفاوض الشاقة والصعبة حول الهدنة المفترضة، نفذت المقاومة ضربات نوعية ردا على غارات اسرائيلية كثيفة على عدد من القرى الحدودية، في وقت التقى سفراء الخماسية في السفارة القطرية بحثا عن مخرج للازمة الرئاسية التي تبقى بحكم المؤجلة الى ما بعد انقشاع الصورة الضبابية في المنطقة التي يعاد تشكيلها وترتيبها في ضوء موزاين القوى المستجدة، وهو ما كان محور بحث عميق ومفصل بين وفد من كتلة الوفاء للمقاومة والرئيس السابق ميشال عون في الرابية حيث جرى نقاش شفاف بين الطرفين حول المواجهة على الحدود والاستحقاق الرئاسي والعلاقات الثنائية «الباردة» بين حزب الله والتيار الوطني الحر.

 الحرب في15 آذار؟!

وبعد التسريبات الاعلامية التي تتحدث عن التهديدات بحرب في 15 اذار، سخر نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من الامر وقال ان «اسرائيل» لا تخيفنا وهي الى زوال، واذا هددت لا نهدد اعلاميا، بل نستعد لها وسنكون لها بالمرصاد. وفي هذا السياق، لفتت اوساط ديبلوماسية الى ان واشنطن لن توقف مساعيها الديبلوماسية لمنع انفجار الوضع جنوبا، وحضورعاموس هوكشتاين الى بيروت  ثم ذهابه الى تل ابيب ياتي في سياق منع «اسرائيل» من اذية نفسها في حرب تعرف كيف تبدأ ولن تعرف كيف تنتهي. اما لماذا كرر الشيخ قاسم سخريته من تهديدات قادة العدو؟ فالاجابة لم تتأخر في تقارير اعلامية اسرائيلية شككت في قدرة منظومات الدفاع الجوي الصاروخي الإسرائيلي في الحدّ من أضرار صواريخ حزب الله  على الجبهة الداخلية والمواقع الحساسة،  خصوصا ان المقاومة لم تكشف حتى الآن عن كلّ أوراقها وهي لا تزال تستخدم في الصليات الكبيرة صواريخها القديمة من نوع «كاتيوشا»، ولم تكشف بعد عن أي صواريخ ضخمة ودقيقة تقدربـ 150 الف صاروخ بعيد ومتوسط المدى بعد نحو 150 يوماً من القتال. وذلك في سياق استنزاف قدرات الاحتلال الاعتراضية عبر إجباره على استهلاك صواريخ منظومات دفاعه الجوي.

 ضعف الجبهة الداخلية

ووفقا لخبراء عسكريين اسرائيليين، اذا اندلعت الحرب الشاملة ستضطرّ «اسرائيل» إلى تحويل منظومتها الدفاعية بالكامل لحماية مؤسساتها العسكرية الحساسة. وفي هذا السياق، اوضح تقرير صادر عن معهد «مكافحة الارهاب» شارك فيه أكثر من 100 من كبار المسؤولين العسكريين والحكوميين الإسرائيليين، عدم استعداد الجبهة الداخلية الإسرائيلية لحربٍ واسعة مع حزب الله. وذكر التقرير أنّ الحرب ستبدأ من الشمال «بوابلٍ هائل ومدمر من صواريخ حزب الله في جميع أنحاء البلاد تقريباً».

 نقص في الصواريخ الاعتراضية

ووفقا للمعهد، فان إطلاق الصواريخ من لبنان سيكون مكثفاً، حيث يتراوح بين 2500 و3000 عملية إطلاق يومياً، بما في ذلك صواريخ أقل دقة وصواريخ بعيدة المدى دقيقة. كذلك، أكد أنّ معدل إطلاق النار «سيتحدّى التكنولوجيا الإسرائيلية كما لم يحدث من قبل»، مشيراً إلى أنه سيتم استنفاد مخزونات صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية وصواريخ مقلاع داود في غضون أيام قليلة من القتال، مما يترك «إسرائيل» عرضةً لآلاف الصواريخ والقذائف دون دفاعٍ نشط فعال. تجدر الاشارة الى ان جيش الاحتلال الإسرائيلي  يستخدم في عملية التصدّي للصواريخ  عدة أنظمة متكاملة للدفاع الجوي، ومن ضمنها القبة الحديدية، منظومة باتريوت، نظام أرو (السهم)، ومقلاع داود. وهذه المنظومات، ذات الطبقات المختلفة، تكلّف الميزانية الإسرائيلية مبالغ طائلة، نظراً لارتفاع أسعار صواريخها وتكلفة تشغيلها العالية. وتشير تقديرات الخبراء إلى أنّ الاحتلال لا يمتلك أكثر من 10 آلاف إلى 20 ألف صاروخ «تامير» يستخدم في القبة الحديدية. اما بالنسبة الى صاروخ الباتريوت الذي تبلغ تكلفته نحو مليون دولار، فليس متوافرا بكميات كبيرة ايضا، فالولايات المتحدة، التي تزوّد «اسرائيل» بهذه المنظومة، كانت تملك 3 آلاف صاروخ «باتريوت» جاهز ضمن البطاريات، ونحو ألفي صاروخ لإعادة التلقيم، وذلك قبل الحرب على أوكرانيا. إلا أنّ الحرب تسبّبت باستنفاد هذا المخزون، ما يعني أنّ الاحتلال الإسرائيلي بات يملك الآن، بحسب التقديرات، المئات فقط من هذه الصواريخ. وقد نجحت المقاومة خلال الاشهر الخمسة في الكشف عن نقاط ضعف هذه الصواريخ واستنفدت الكثير من احتياطها، ولهذا تنخفض التوقعات باندلاع حرب شاملة لا تبدو «اسرائيل» جاهزة لتحمل اكلافها.

اسرائيل «تقامر»...!

وكان الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي، قد تساءل في صحيفة «هآرتس»، عن مصداقية تحقيق الاحتلال لأهدافه المرجوة من الحرب. وطرح ليفي مجموعة من الأسئلة بشأن قوة الكيان وقدرته على حماية المستوطنين في الجنوب والشمال، قائلاً: بعد أكثر من 150 يوماً من الحرب، يجب على كل إسرائيلي أن يجيب بصدق عن السؤال، هل أن بلاده أفضل حالاً الآن مما كانت عليه في 6 تشرين أول 2023؟ هل هي أقوى؟ أكثر أماناً؟ أكثر رسوخاً؟ أكثر تعاطفاً؟ أكثر ردعاً؟ أكثر تفاخراً؟ أكثر اتحاداً؟ أو أيّ شيء؟وأضاف أنّ الحقيقة المدهشة هي أنّ الإجابة عن كل هذه الأسئلة هي «كلا»، وكلا واضحة وحاسمة.

... واقل امنا؟

فـ «إسرائيل» اصبحت، برايه، مكاناً أقل أماناً مما كانت عليه قبل الحرب، مع خطر اندلاع حرب إقليمية، وفرض عقوبات عالمية، وفقدان الدعم الأميركي، و لم يسبق أن كانت «اسرائيل» منبوذة كما هي الآن؛ فالآلاف من الإسرائيليين ما زالوا منفيين من بيوتهم، ونصف البلاد أصبحت مكاناً خطراً للتجول وقال» ان الاسرائيليين اليوم يشبهون مقامرا خسر ثروته في كازينو، وهو على قناعة بأنّه سيحقق الفوز مرة أخرى. ومن الصعب تذكر عمى كهذا»، يقول الكاتب.

 مسيرتان على «معالية غولان»

ميدانيا، نفذت المقاومة هجوما جويا ‌بمسيّرتين انقضاضيتين على ثكنة «معاليه غولان». واستهدف حزب الله تموضع جنود «العدو» في مستعمرة المطلة واوقع أفرادها بين قتيل ‌‏وجريح. كما اعلن حزب الله انه استهدف موقع زبدين بالأسلحة الصاروخية وأصابه إصابة مباشرة»، واستهدف «مقرًا مستحدثًا لقيادة القطاع في ليمان بالقذائف المدفعية وأصابه إصابة مباشرة». واستهدف «مربض الزاعورة بالاسلحة الصاروخية»، و‎قصف «مستوطنة عفدون بصواريخ الكاتيوشا».

اصابة منزلين في «المطلة»

 وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأنّ منزلين في مستوطنة «المطلة» أصيبا من جراء إطلاق صواريخ مضادة للدروع من قبل حزب الله الذي اعلن انها ردا على جريمة عيترون.  وقال احد المستوطنين في كريات شمونة انهم محبطون في ظل شلل تامة في المستوطنة. وانتقد بعضهم  الدعوات الى التصعيد والحرب مع حزب الله، وقال احد المحللين ان «اسرائيل» تثرثر كثيرا وكانها تقول «امسكوني» في ظل مخاوف من حرب عالمية يمكن ان تندلع اذا ما ذهبنا الى مواجهة في الشمال؟!

قصف وغارات جوية

في هذا الوقت، شن الطيران المعادي سلسلة غارات على شكل أحزمة نارية استهدفت قرى جنوبية. وكانت فرق الدفاع المدني تمكنت صباح امس من العثورعلى جثة الشاب ربيع الياسين الذي كان في منزله في الضهيرة أمس الاول، عند استهدافه بغارة إسرائيلية. 

لقاء ايجابي في الرابية

‏وبعد التصريحات العلنية المنتقدة لجبهة المساندة في الجنوب من قبل التيار الوطني الحر، والرئيس العماد ميشال عون، وفي ظل تزايد التباينات بين الجانبين، بادرت كتلة الوفاء للمقاومة الى زيارة الرابية بوفد ضم النواب محمد رعد، علي عمار وحسن فضل الله، حيث تمحور اللقاء مع الرئيس عون حول الاوضاع التي يشهدها الجنوب إضافة إلى الاوضاع الداخلية. ووفقا للمعلومات، قدم الوفد شرحا مفصلا لموقف الحزب من الحرب الدائرة جنوبا حيث تم شرح الموقف من كافة جوانبه، خصوصا قدرة المقاومة على ردع «اسرائيل»، واستمع الوفد في المقابل الى وجهة نظر عون القلق من التطورات واحتمال دفع لبنان اثمانا لا يمكن ان يتحملها مع تشديده على موقفه من المقاومة وضرورة حمايتها، وقد ساد الاجتماع ارتياح متبادل بعد استماع عون للعديد من الاجوبة عن اسئلته، وسيبنى على الايجابيات في هذا اللقاء لتعزيز التواصل المشترك.

ترميم العلاقة وحل المشكلات؟

 بعد اللقاء قال رعد «ان الاتصال القائم بيننا وبين فخامة الرئيس الجنرال ميشال عون هو خط دائم ومستمر لم ينقطع في السابق ولن ينقطع أبدا»، اضاف «هذه الزيارة كانت فرصة لاطلاع فخامة الرئيس على الاوضاع الميدانية الدقيقة والموضوعية بعيدا عما يتم من تراشق من هنا وهناك». من جهته،  أكد عضو تكتل لبنان القوي النائب إدغار طرابلسي أن زيارة الوفد الى الرابية فيها انتقال واضح لمعالجة التباين على أعلى المستويات ولتوسيع مروحة التفاهمات في لبنان، مشيراً إلى أن هذه المبادرة يمكن أن تؤدي إلى إيجابية مطلوبة لترميم العلاقة والاتفاق على النقاط الخلافية.

رسائل الخماسية في الشكل لا المضمون؟!

رئاسيا، التقى سفراء اللجنة الخماسية امس السفارة القطرية، لاستكمال الجهود المبذولة بخصوص الاستحقاق الرئاسي. ووفقا لمصادر مطلعة، جاء توقيت اللقاء عقب مغادرة هوكشتاين بيروت لابلاغ من يعينهم الامر بان هذا الملف لا يزال ضمن اختصاص هذه المجموعة ولا يتفرد به الاميركيون وحدهم عبر مبعوثهم الرئاسي الذي يركز في مهمته على الوضع الامني جنوبا. وقد شدد اللقاء على ضرورة اجراء الاستحقاق الرئاسي باسرع وقت ممكن، دون ان يخلص الاجتماع الى ما يشير الى وجود تقدم في هذا الاتجاه. ووفقا للمعلوممات ثمة قناعة راسخة لدى المجتمعين بعدم وجود معطيات جدية في هذا الاطار، قبل انقشاع صورة الحرب الدائرة جنوبا وفي المنطقة. لكن السفراء الخمسة اجروا تقييما للاتصالات الاخيرة في ضوء مبادرة كتلة الاعتدال الوطني التي تتواصل يوميا مع سفراء اللجنة لوضعهم في صورة الحراك الرئاسي. اما في الشكل، فان عقد اللقاء في السفارة القطرية جاء رداً على التسريبات التي تحدثت عن تباين الموقف القطري من حراك المجموعة الديبلوماسية خارج سرب الخماسية.

 حزب الله والحوار دون شروط

وفي اول رد علني لحزب الله على مبادرة «الاعتدال»، اعلنت كتلة الوفاء للمقاومة انها ناقشت مداولات رئيسها مع وفد تكتل الاعتدال النيابي الذي طرح مضمون مبادرته للوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية يمارس صلاحياته الدستورية في إدارة شؤون البلاد، وأبدت الكتلة حرصها على التوصل إلى مخرج وفاقي للأزمة الرئاسية. ووفقا لمصادر مطلعة، لا يمانع حزب الله المشاركة في اي حوار لكن دون شروط مسبقة من احد، على ان تترك الامور التنظيمية والشكلية لرئاسة مجلس النواب المفترض ان تحتضنه.

قلق «قواتي»

في هذا الوقت، عبر نائب رئيس حزب القوات اللبنانيّة النائب جورج عدوان عن قلق فريق المعارضة من حصول «طبخة» رئاسية تفرض من الخارج، وشدد على الرفضِ القاطع لأيّ تدخّل خارجيّ بالاستحقاق الرئاسي، إذا كان البعض يعتقدُ أنّ باستطاعتهم أن يعلّبوا لنا رئيساً حتى ننتخبه... «ما يعذبوا حالهم»!