اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

خلال الاحتفال يوم أمس الاول الجمعة في عيد القديس مارون شفيع الموارنة، في كاتدرائية مار جرجس المارونية وسط بيروت، غاب رئيس الجمهورية والمركز الاول عن الاحتفال، وغابت معه الكراسي المخملية الحمراء، فلم يجلس الرئيس الغائب منذ 15 شهراً، كذلك غاب رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي منعاً للإحراج.

لا شك في انّ عدم حضور الرئيسين برّي وميقاتي أبعد الردود السلبية، خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي والرواد المعارضين ، فيما السبب الاول لإبقاء الفراغ الرئاسي لغاية اليوم هو عدم التوافق المسيحي وتحديداً الماروني، وإلا لما امتدت هذه المشكلة لغاية اليوم، وهي مرجحّة للبقاء سنوات في حال لم يحصل الاتفاق الداخلي المسيحي، الذي يعتبر أصل المشكلة، لذا كان موقف الرئاستين الثانية والثالثة ضمن عين الصواب، وادى الى تفادي المزيد من الخلافات الطائفية التي يبحث عنها البعض لصبّ الزيت على النار.

الى ذلك ووسط كل ما يجري من تناقضات على الساحة الرئاسية، وظهور عملية خلط أوراق سياسية لم يشهد لبنان مثيلاً لها، وما زالت غير مفهومة حتى اليوم، تبقى أجواء المصالحات الحقيقية غائبة في اطار الاستحقاق الرئاسي، الذي يبدو اليوم بحاجة لها اكثر من أي وقت، فالوضع لم يعد يُحتمل ومشهد غياب الرئيس بات غير مقبول، خصوصاً في الاحتفالات الرسمية، فيما البعض اصبح يعتبره مشهداً عادياً إعتاد عليه، لانه يتكرّر كل ست سنوات، فأغلبية اللبنانيين سئموا من خلافات وانقسامات السياسييّن الذين ما ان يتفق بعضهم، حتى يُرّد عليهم برفض او عرقلة او بإتفاق مضاد، والخوف الاكبر هو بقاء الوضع على ما هو عليه، أي فراغ المركز الاول المسيحي من دون ان يتواجد البديل، في ظل الصراعات على الزعامة والمصالح الخاصة التي تتقدم مصلحة الوطن اولاً.

في السياق أبدت مصادر سياسية مسيحية قلقها من تكرار مشهد غياب الرئيس في المناسبات الوطنية والدينية، ومنها ما شهدناه يوم الجمعة خلال قداس عيد مار مارون الذي يعني الكثير للموارنة، كعيد ديني رسمي هام يجتمع خلاله كبار المسؤولين، والذي إحتفل به وسط غياب رئيس الجمهورية، ولم توضع الكرسي الخاص به على المنصّة كما جرت العادة، ومشهد غيابه كان مرفوضاً ومزعجاً خصوصاً لدى البطريرك الماروني بشارة الراعي، وكل الشخصيات المسيحية وتحديداً المارونية، وفق ما سمعت تلك المصادر من بعض الوزراء والنواب المسيحيين الحاليين والسابقين، وقالت: "كان من الافضل لو وُضعت كرسي الرئيس في مكانها المعتاد، كإشارة ولو رمزية الى ان الرئيس ما زال موجوداً، اي من باب الاحترام للمنصب، وعندها كان سيحضر الرئيسان بري وميقاتي ولن يكونا محرجين، الامر الذي حمل غصّة وقلقاً للسنة الثانية على التوالي، مع الامل ألا يمتد الفراغ الرئاسي للسنة المقبلة، بحيث سيبرز خوف من بقاء الوطن بلا رئيس الى حين حل نزاعات الغير، وانتظار وفاقهم السياسي على حساب لبنان، ما يرّجح إمكانية الوصول يوماً ما الى نسيان هذا المنصب كلياً وعدم المطالبة به".

في غضون ذلك شدّدت المصادر المذكورة على ضرورة ان يلعب الفاتيكان الدور الاكبر والنهائي لحل هذه المعضلة، وإلا انهار الموقع المسيحي نهائياً، لذا فالتحرّك مطلوب داخل وخارج لبنان، وفي طليعته الكرسي الرسولي لانه الاكثر مصداقية من ناحية المحافظة على الدور الكبير للبنان في منطقة الشرق الأوسط، بسبب تميّزه بالموقع المسيحي الاول، وبالتالي بالتعايش المسيحي - المسلم، معتبرة بأن هذه الثغرة في التاريخ اللبناني يجب ان تحّل ايضاً من قبل الزعماء الموارنة اولاً، عبر التكاتف والتعالي عن الصالح الخاصة، وإلا فالخوف سيتفاقم من إمكانية فقدان المركز لمسيحي الاول بأيديهم.

كما دعت المصادر البطريرك الماروني الى متابعة البحث حتى النهاية مع الفاتيكان، من خلال الضغط على الفريق المعرقل، وإلا سيسير المسيحيون من جديد على خط الاحباط الذي كان سائداً في التسعينات، مشددة على ضرورة فتح صفحات جديدة بين كل القيادات المسيحية من دون إستثناء، لان الاخطار المحدقة بمسيحييّ لبنان تبدو خطرة الى حد كبير.

ورأت بأن ما يجري منذ بدء الفراغ الرئاسي ، يؤكد المقولة التي سرت منذ ما قبل ذلك التاريخ، بأن الامور السياسية تسير في الاتجاه الذي يجعل الرئيس ميشال عون آخر الرؤساء المسيحيين، نتيجة الانقسامات وتراجع الدور المسيحي في لبنان، وغيابه عن سلطة القرار في أي لعبة سياسية يتم رسمها بعيداً عنهم، داعية الى إيجاد مبادرة انقاذية للبنان في القريب العاجل، وإلا سيعتاد اللبنانيون على مشهد غياب صورة الرئيس المسيحي من خلال عرقلة دوره، خصوصاً بعد ان نزعت صلاحياته بحسب اتفاق الطائف الذي ساعدت البعض على بلوغ اهدافهم.

وختمت المصادر عينها يالإشادة بكلمة البطريرك الراعي خلال القداس يوم الجمعة لانها لاقت تأييداً شعبياً وفق ما ظهر عبر مواقع التواصل، واصفة اياها بالاقوى والاعنف منذ بدء الفراغ الرئاسي لجهة رفضه لـ"حكم الدويكا" في غياب رئيس الجمهورية، مع "لطشة" مباشرة لحكومة تصريف الاعمال حول تعيين رئيس للاركان بطريقة غير دستورية، وفق ما اعتبر كبار رجال القانون والدستور، وأكدت تأييدها لسيّد بكركي بما قاله: "نحن أمام عملية إقصاء مبرمج للموارنة عن الدولة بدءاً من عدم إنتخاب رئيس وإقفال القصر الجمهوري، وإقصاء المسيحيين من الوزارات والإدارات العامة وبأننا أصبحنا في دولة نظامها استبدادي".


الأكثر قراءة

بطة عرجاء لتسوية عرجاء