اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مضت ثلاثة أشهر ونيف على إعلان "إسرائيل" الحرب على قطاع غزة، توازياً مع عملية توسع استيطاني في الضفة الغربية مستمرة تحت غطاء اتفاقية أوسلو، بمساندة غير مشروطة من جانب دول الحلف الأطلسي .

تستوقفنا للوهلة الأولى، مفارقة تتمثل في أن المقاومين في قطاع غزة يواصلون التصدي لحشود العسكر "الإسرائيلي"، وتقنيات جيوش حلف الأطلسي الفنية والتسليحية، وتواطؤ نظم الحكم العربية، في حين أن جيوش الدول العربية انهزمت في حزيران 1967 في ستة أيام، وهنا نلاحظ مفارقة أخرى في أن الجيش المصري استطاع في تشرين أول 1973 عبور قناة السويس ودحر قوات الاحتلال في سيناء، قبل  أن توقفه القيادة السياسية.

من  البديهي أننا لا ندعي هنا نباهة في التحليل وفي الشأن العسكري والسياسي، فلا نملك إلا التساؤل بسذاجة في أغلب الأحيان، عما يجري لأهلنا وفي بلداننا . لا سيما أننا لا نعلم إلا ما يلقننا إياه خبراء يريدون أن نقتنع بأنهم عارفون ومتبصرون في ظاهر الأمور وخفاياها . ما نقصده، على سبيل المثال لا الحصر، هو الحادث الأمني الذي وقع أمس الأول في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث سقط نتيجة له كوكبة من الشهداء القادة، على ذمة الأخبار ، في قصف معاد أصاب مكان اجتماعهم في شقة سكنية .

مجمل القول، استنادا إلى ما تناهى إلى السمع، انه بالضد من القادة في قطاع غزة الذين يقاتلون ببسالة مبهرة، حيث يخرجون من الأنفاق لمهاجمة العدو ثم يعودون إلى الاختباء فيها، دون أن تتمكن منهم طائرات ومدرعات وأجهزة رصد القوات المغيرة، فهذه تنتقم من المدنيين ومن أبنية  السكن، محاكاة لسلوك دول الحلف الأطلسي المعروف في مستعمراتها سابقاً، وفي حروب التصفيات العنصرية، ومن خلال الهمجية الأميركية كما تكشفت في اليابان وكوريا والعراق والتي تكررت في جميع حروب الولايات المتحدة الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية .

 إن المدافعين عن المعذبين في الأرض هم مقاومون يسكنون الانفاق. ينبني عليه أن اغتيال المقاوم، خارج  أرض المعركة ، وبالتالي خارج نفق  العمليات، له من و جهة نظرنا انعكاسات سلبية عديدة، نحن لا نستطيع  بتواضع إحصاءها بدقة، كما يفعل الخبراء . ولكن لا نظن  اننا لا نجازف بالقول، أن نجاح العدو في اقتناص مقاوم خارج المعركة وخارج النفق ، يعني أن هذا الأخير يعرفه ويراه، وأنه قادر على نقل المواجهة  إلى المكان الذي يختاره بنفسه، أي أن يشعل فتيل الحرب وأن ينقل نارها إلى حيث يشاء، أو بصراحة  أكثر أن يشعرنا باننا لسنا في مأمن في المكان، في منازلنا، وفي الأسواق والطرقات . ناهيك من أنه يقرر الزمان أيضاً .

هذا من ناحية أما من ناحية ثانية، فإن المعذبين في الأرض، لا  يستطيعون بأي حال من الأحوال التصرف بحسب رد الفعل، او انسياقاً للمشاعر . هنا حقيقة  لا بد من الاعتراف بها ومن أخذها دائماً بعين الاعتبار، وهي أن المعذبين في الأرض، الذين استقوى ضدهم المستعمرون العنصريون، بواسطة السلاح المتقدم وبواسطة حلفائهم وعملائهم وأموالهم، هم الطرف الأضعف في المعادلة، وأن غايتهم تتمثل بالانتصار على أعدائهم بالرغم من تفوق هؤلاء عدداً وعدة . فشلوا في الجزائر، وفشلوا في إفريقيا الجنوبية، فلن تتكرر مأساة الهنود الحمر  ومأساة الأصليين في اوستراليا .

خلاصة القول وقصاراه، أن ما جرى أمس في الضاحية الجنوبية لبيروت، ليس نجاحاً باهراً "لإسرائيل" وحلفائها في البحر وفي الجو وعلى الأرض، وانما هو فعل في إطار خطة مرسومة، كان يجب إفشاله، أما وقد نجح فيتوجب قراءة الخطة بعقلانية تجنبا  للوقوع في حبائلها.

السلام عليكم يا أهل قطاع غزة، ويا أهل الضفة الغربية. السلام عليكم يا أهل الأرض المحتلة.


الأكثر قراءة

اكثر من حجمه