اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تكشفت يوم أمس ظاهرة كنا نلاحظ بين الفينة والفينة وجها من أوجهها، ولكنها اتضحت بجلاء، دفعة واحدة بكل جوانبها بمناسبة الخطاب الذي ألقاه أمين عام المقاومة الإسلامية في لبنان، حيث احتل ما يمكننا أن نسميهم "قارئي الخطاب"، مساحات واسعة في وسائل الإعلام، انصبوا كل من جهته، هذا على شرح "ما في قلب الشاعر"، وذاك على البحث عما لم ينطق به لاستقرائه، وصولاً إلى تأكيد انتقادات، كانت على الأرجح مضمرة في صدر القارئ نفسه، قبل الخطاب .

من البديهي أننا لن نضيع الوقت في استعراض هذه الانتقادات، التي كانت معروفة قبل الخطاب، وهي في مختلف الأحوال غالباً ما تكون غير قابلة للتغيير والتبديل بواسطة، أي خطاب أو نقاش، كما لو أنها مغروزة في العقول منذ البدء.

ولكن السؤال الأساسي الذي يتبادر الى الذهن هو، لماذا يتطوّع "القارئ" ليس لكي يقرأ لنا أو ليفسر نصاً عادياً سهلاً، وبالتالي فإن فهمه بمتناول كل من يتقن اللغة العربية، ولكن "ليقرأ" ما لا يحتويه النص ثم ليشرح أسباب إسقاطه من هذا الأخير، زاعماً أنه كان يعلم بها مسبقاً وأن خلو النص منه من المسكوت عنه تؤكد علمه وشكوكه.

نقول في هذا الصدد، بكل تواضع، أننا استمعنا للخطاب مثل الكثيرين من اللبنانيين، وغير اللبنانيين، وأننا لم نجد صعوبة في فهم المحتوى المسموع، وفي أن نتبيًن مراميه، فخلصنا إلى ما يلي:

ـ أن اميركا ودول المعسكر الغربي، هم شركاء في الحرب على قطاع غزة ، وقد أرسلوا للمقاومة في لبنان رسائل تضمنت التهديد والوعيد، ولكن القرار أن المقاومة تعتمد خطتها وتقوم بما يمليه الواجب عليها.

ـ تدعم المقاومة، المقاومة في القطاع عسكريًا، بحيث تكون درجة الدعم ملائمة لما تتطلبه هذه الأخيرة، وبالتالي فإن وتيرة هذا الدعم مرشحة لأن تتصاعد فجأة إلى أقصى حد ممكن أو تدريجيا أو تدحرجاً، فلا تهزم المقاومة في القطاع . وقد أظهرت المقاومة للعدو بشكل ملموس، بعض قدراتها على الردع وكل تصميمها، في حال سوّلت له نفسه الإعتداء على البلاد.

مجمل القول أن المقاومة فاعلة منذ 8 تشرين أول، في خضم المعركة إلى جانب المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وأنها على أهبة الإستعداد لمواجهة العدو دفاعاً عن البلاد، وانها تتصرف في ظروف الحرب استناداً إلى حساباتها هي، والتي تكون غالباً معدة سلفاً وفق استراتيجية محددة.

ما نود التوكيد عليه في الختام، هو أن المقاومة الحقيقية مهما اختلفت عناوينها وأوجه ظهورها وأساليب خطابها، هي في لبّها وجوهرها وطنية، وبكلام أكثر وضوحاً، المقاومة ليست في خدمة المقاومين، وإنما هي سيرورة من أجل بناء الوطن ثم الذود عنه خدمة للمواطنين، دون تمييز بينهم على أساس ديني ومذهبي أو عرقي أو عقائدي.


الأكثر قراءة

اكثر من حجمه