اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تتناقل اليوم وسائل إعلام، في اليوم العاشر من الحرب - الإبادة التي يتعرض لها الناس في قطاع غزة المحتل منذ حرب حزيران 1967، أنباء عن مقايضة الغذاء وحليب الأطفال والماء والمحروقات والأدوية والأدوات الطبية، بالسماح للأجانب، رعايا دول الغرب، المقيمين في قطاع غزة، وللفلسطينيين الذين حصلوا على جنسية ـ جواز سفر من إحدى هذه الدول، بالعبور من بوابة القطاع نحو مصر.

هناك أنباء أخرى سابقة، مفادها أن مصر أغلقت البوابة من جانبها منعاً لترحيل جميع السكان في القطاع بحسب خطة معدة من أجل إفراغه، وإجبارهم على الاستقرار في سيناء في منطقة رفح.

يجدر التذكير بأن قطاع غزة احتل كسائر الأراضي الفلسطينية، واستعمرت بعض أجزائه، ولكن أهله استعصوا على قوات الإحتلال التي لم تستطع بالرغم من خبرتها الطويلة في القمع والتعذيب الجسدي والإرهاب (كم تمنى اسحق رابين رئيس وزراء "إسرائيل" الذي اغتاله على الأرجح خصومه الأكثر تطرفا منه، لو يستفيق ذات يوم من نومه فإذا بقطاع غزة مغمور في البحر)، مما حدا هذه الأخيرة على تفكيك المستعمرات، وضمه إلى الضفة الغربية المحتلة، ولكنها ما لبثت أن استنتجت أنه سيكون من الصعب أحكام سيطرتها على الجزأين المحتلين في آن واحد، لذا فصلت فيما بينهما وأعلنت قطاع غزة كياناً معاديا، وأغلقت الحدود معه، فخشي المصريون من أن يضطر أهل القطاع تحت وطأة الحصار الى النزوح نحو سيناء، مما جعلهم يفرضون رقابة على معبر رفح، كانت تشتد وترخي بحسب الظروف، منعاً للنزوح الجماعي. هل سلطات الاحتلال تريد إفراغه بحجة إعادته إلى سلطة الضفة؟

جملة القول ان المشروع "الإسرئيلي" الهادف الى ترحيل أهل غزة نحو مصر قديم، وعلى الأرجح أن ذلك ليس سوى خطة مرحلة من المأمول أن تتكامل بمراحل أخرى إتماما للمشروع الصهيوني الأكبر.

لنعود من بعد إلى موضوع المقايضة بين الغذاء والماء والدواء من جهة، وخروج الأجانب من القطاع نحو مصر من جهة ثانية، التي رفضت التخلي عن جزء من سيناء لتوطين أهل غزة، مقابل إغراءات مادية كبيرة، يبدو أنها تداوي أزمتها الاقتصادية ولكنها ليست شافية، بمعنى أنها لا تقضي على أسبابها ولا تمنع تجددها. ولكن هذا موضوع آخر. لنتساءل عن عدد الأجانب من أصول غربية المقيمين في القطاع. هذا سيتضح بالطبع لأمن الحدود على معبر رفح.

لا شك في هذا الصدد أنه من المحتمل أن يكون عدد الفلسطينيين في القطاع، الذين اكتسبوا منذ سنة 1948 إلى اليوم جنسية من بلدان أوروبية أو أميركية، أضعاف عدد الأجانب المقيمين مثلهم مثل الكثيرين في بلدان العرب، التي أفرغت سلطات الحكم فيها الجنسية الوطنية "من المواطنة الحقيقية". هذا أيضا موضوع آخر. اغلب الظن أن السلطات المصرية لا تعترض على مرور هؤلاء الاجانب والمجنسين إلى بلادهم في أوروبا وأميركا، فما تخشاه كما ألمحنا هو الترحيل الجماعي واستقرار اللاجئيين الجدد في سيناء، فهي تريد إدخال المعونات إلى السكان في القطاع، في حين أن سلطات الاحتلال تريد تهجير الفلسطينيين من منفاهم في القطاع إلى منفى جديد في سيناء، حيث تتولى وكالة الغوث بعد إحيائها، أمرهم كما تولت أمر أجدادهم وآبائهم في مخيمات 1948، قبل أن يبادر إلى محوها "الإسرائيليون" بدءا من سنوات 1970.

نستنتج من هذا كله أن "السلطة الإسرائيلية" وحلفاءها في الغرب، يستخدمون الجوع والعطش وقنابل الطائرات من أجل طرد سكان القطاع الذي صاروا بلا مأوى، وأغلب الظن أن إظهار الحرص على الإجانب لا يعدو خدعة، أو أنه الوجه العائم من تسوية بينها وبين النظام العربي المهترئ، ناهيك بإحداث بلبلة بين هؤلاء السكان وإضعاف اتحادهم.

من المعروف أن مكتسبي الجنسية يعانون في أكثر الأحيان من التمييز العنصري، في البلاد التي حصلوا منها على جواز سفر.

الأكثر قراءة

اكثر من حجمه