اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا شكّ أن الظروف الدولية المحيطة بالحرب على غزة، تختلف اليوم عما كانت عليه منذ أشهر، وبالتالي فإن ظروف التفاوض حول هدنة مفترضة بين حركة حماس والعدو الاسرائيلي تبدلت بدورها، دون أن يعني ذلك حتمية التوصل الى اتفاق، بسبب الرؤية الضبابية التي تُحيط بكل ما يجري. ففي حين أبدت "اسرائيل" ولأول مرة مرونة تجاه ما أسمته "الهدوء الدائم في غزة"، تعلن جهوزية خططها لعملية رفح، وكذلك في الولايات المتحدة الأميركية، فبالرغم من الدفع باتجاه اتفاق الهدنة، يتم تقديم مليارات الدولارات لـ "إسرائيل" لأجل التجهيز العسكري.

في بيان لافت، أشار البيت الأبيض بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الاميركي جو بايدن ورئيس الحكومة "الاسرائيلية" بنيامين نتانياهو مساء الأحد إلى أن "الحليفين تباحثا في المحادثات الجارية لضمان الإفراج عن محتجزين، مع وقف فوري لإطلاق النار في غزة"، هذه العبارة التي تضمنت "وقف إطلاق فوري" ترد للمرة الأولى في بيانات من هذا النوع، لا سيما أن الاخبار الإيجابية عن هدنة مفترضة كانت مفاجئة للمراقبين نهاية الأسبوع الماضي، حيث كانت ولا تزال كل الإشارات الميدانية تتحدث عن اقتراب معركة رفح، خاصة بعد اللقاءات الأمنية التي عُقدت منتصف الأسبوع الماضي في مصر بين مسؤولين أمنيين "اسرائيليين" وآخرين مصريين.

في الولايات المتحدة الأميركية تتغير الظروف وتقترب الانتخابات الرئاسية شيئاً فشيئاً، وكان واضحاً بعد الهجوم الإيراني على "اسرائيل"، والدور الذي قامت به أميركا سواء بالدفاع عن الكيان عسكرياً وصد الهجوم، أو كبح جماح المتطرفين في "اسرائيل" للرد على إيران، أن الإدارة الاميركية تمكنت من احتواء القيادة "الاسرائيلية" التي تشهد اليوم نزاعات علنية بين مطالبين بالتوصل الى هدنة ورافضيها، وهذا التغير بالظروف الأميركية قد يكون الدافع الأساسي نحو هدنة مفترضة.

منتصف شهر نيسان الماضي أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجرته قناة CBS News إلى أن 33 بالمئة من الأميركيين فقط يؤيدون موقف بايدن الداعم لـ "إسرائيل" في حرب غزة، وبعد التحركات التاريخية التي تجري في أهم وأكبر الجامعات الأميركية ضد الحرب، بدأ يشعر الحزب الديموقراطي أن استمرار الحرب سيعني خسارة حتمية في الانتخابات الرئاسية، وبعضهم ذهب بعيداً من خلال مطالبة بايدن بالاختيار بين نتانياهو والحرب أو الرئاسة، لذلك هناك منافسة شديدة داخل الإدارة الأميركية حول مصير الحرب في غزة.

في "اسرائيل" أيضاً تبلغ المنافسة ذروتها بين اليمين المتطرف المطالب باستمرار الحرب والدخول الى رفح، والقوى المطالبة بتحرير الأسرى ضمن صفقة، ولو أنهم يرفضون في الوقت عينه إعلان وقف الحرب، ولكن نتانياهو يُدرك أن التوصل لصفقة وهدنة طويلة في غزة، قد يعني بدء نهاية الحرب ومعها ستكون نهاية حكومته.

حسابات نتانياهو تختلف عن حسابات بايدن، لذلك ورغم تبدل الظروف الدولية لا يزال هناك ضبابية في المواقف "الاسرائيلية" والأميركية حتى، ولا شكّ أن رئيس حكومة العدو لا يُبالي بمصير بايدن الانتخابي ويهتم لمصيره السياسي، ولذلك قد يكون بايدن ملزماً بحال أراد حقاً وقف الحرب، تقديم بدائل لنتانياهو تتعلق بالمستقبل السياسي.

خلال الساعات المقبلة سيكون هناك ترقب لرد حماس على الاقتراح المصري، ونتائج زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى المنطقة، والتي ستكون اليوم في "تل أبيب"، فهل تفرض ظروف بايدن نفسها على نتايناهو أن يتمكن الأخير من استكمال عام الحرب الذي بدأه؟

الأكثر قراءة

حزب الله يدشّن أولى غاراته الجوية... ويواصل شلّ منظومة التجسس ترسيم الحدود مع لبنان ورطة اسرائيلية... و«مقايضة» اميركية في رفح!